!!!جائزة عربية لعمارة غربية
ماذا تريد لنا جائزة المعماريين العرب !!!!!
علمت اليوم بخبر صدور القائمة القصيرة لجائزة المعماريين العرب والحقيقة أنني كان عندي أمل أن تكون هذه الدورة على خلاف الدورة التي سبقتها من حيث اليقظة للتوجه العام في اختياراتها وترجيحاتها وتحيزها للتجارب العربية المعمارية ذات التوجه المحلي والتي تحاول تقديم محاولات جادة لإنتاج عمارة يمكن تبنيها في مجتمعاتنا العربية بصدق بعيدا عن التبعية الغربية التي خنقت ابداعاتنا لعقود طويلة.
كنت أأمل في أن تصحح هذه الدورة السقطة التي حدثت في 2018 بلبنان ولا سيما وأن الدورة هذه المرة تستضيفها دولة الأردن التي تحفل بكوكبة من المعماريين المبدعين وتمتاز بتجارب رائعة صاغها نجومهم من أمثال اساتذتنا راسم بدران وجعفر طوقان وغيرهم!!!!
الحقيقة أنني صدمت وأصبت بخيبة أمل كبيرين.
الصدمة جائت حينما اطلعت على القائمة القصيرة ووجدت أنها تحفل بنماذج غربية التعبير بشكل واضح وتخلو من مشروعات يمكن أن نعتبرها مشروعات معمارية عربية إلا من مشروع أو اثنين على أقصى تقدير!!!!!
الترشيحات تنتهج نفس النهج التغريبي الفج الذي انتهجته سابقتها في لبنان فعلى سبيل المثال لا الحصر وجدت هذا المشروع الذي يظهر من مجرد أسمه أنه أوروبي صممه مكتب برتغالي له فرع بدولة الكويت وهو مشروع سكني خاص بمدينة الكويت.


الصور المنشورة عن التصميم في الموقع الرسمي للمسابقة قبل أن يتم حذفه واستبداله بمشروع آخر
بعد أن تجاوزت حالة الصدمة الأولى من التعبير الخارجي للكتل والواجهات الخارجية للمشروع قررت أن أقرأ المزيد عنه لأتعرف عليه عن قرب علني أجد ما يفسر اختياره من قبل لجنة التحكيم لعل هناك أفكار جاده أو مجدده من وراء هذه التشكيلات الحداثية الغربية فوجدت هذا الرابط لموقع:
World Architecture Community
توقفت في قرأتي لوصف المشروع عند هذه الفقرة:
” Each villa is centred around a private courtyard featuring a swimming pool as a modern functional interpretation of a traditional ‘Hosh’ with a water feature.
The social spaces are grouped around this pool and feature longitudinal full-height glazed windows facilitating cross ventilation and evaporative cooling when open.”
فضلا عن الكتل الخرسانية الضخمة!!!!!! فقد إندهشت حقيقة من السذاجة التي يحاول فيها المصمم اقناعنا باستخدامه لكل هذه المسطحات الهائلة من الزجاج في مدينة صحراوية حارة ورطبه فيقول أن هذه المسطحات الزجاجية الضخمة تساعد في خلق تيار هواء داخل المنزل والتبريد بالتبخير ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!! عن أي تبريد بالتبخير يتحدث هذا المصمم والمشروع يقع في مدينة مناخها حار رطب ؟ كيف انطلى هذا الكلام السطحي الساذج على لجنة التحكيم ؟
وأية خصوصية يتمتع بها أصحاب هذا المشروع بوجود كل هذه المسطحات الزجاجية في الطابق العلوي الذي توجد به غرف النوم وهو مكشوف تماما للجيران المحيطين حيث لم يكلف المصمم نفسه عبء وضع أي معالجة معمارية جادة لهذه الإشكالية ؟
ماذا تريد هيئة المعماريين العرب ولجنة الجائزة من وراء تقديم هذا المشروع وما على شاكلته من مشروعات في القائمة القصيرة لتصير نموذج لمجتمعاتنا المحلية ولمعماريينا العرب من الممارسين والشباب والطلبة ؟ لماذا الإصرار المميت على دفع مثل هذه النماذج لتكون هي النماذج المسيطرة على عمارتنا ؟
الحقيقة حينما نعلم أن اشتراطات ملف التقديم للجائزة نص على أن لا يزيد وصف المشروع عن 300 كلمة ولا تزيد عدد الصور عن 10 صور فقط وأن كل ذلك يجب تقديمه في ملف لا يزيد حجمه عن 10 ميجابيت أي أنه لا يوفر للمطلع إلا مجرد إنطباع عام فهنا نكون أمام حقيقة واضحة وهي أن لجنة الحكم اختارت هذا المشروع وما شابهه من مشاريع بناء على ( الإنطباع ) التشكيلي فقط وليس بناء على قراءة متأنيه لما وراء التصميم!!!…….وكأن لسان حالهم يقول لنا : هذا (شكله) حداثي غربي فهو يستحق!!!!!!!!!!
أشعر بالأسف حقيقة لأننا حتى في بلادنا العربية نحرم من مجرد التقدير للتجارب الجادة ذات التوجه المحلي وكأننا قررنا أن نكرم الغرب مرتين الأولى حينما افسحنا لمكاتبهم ومعمارييهم المجال واسعا لجعل بيئتنا العربية ساحة مباحة لتجاربهم وشطحاتهم ونزواتهم المعمارية والثانية حينما قررنا تبني نهجهم والسير في ركابهم واعلاء نماذجهم التغريبية والاحتفاء بها وتكريمها.
تحديث ، حينما وضعت رأيي هذا في المقال قامت الجائزة بحذف المشروع فورا واستبدلوه بمشروع آخر!!!!!
محمد الرافعي ، 24 أكتوبر 2022