زمار الحي لا يطرب …..القلة والزير منتج حداثي
كلما تحدثنا عن التراث البنائي والدروس والخبرات العظيمة التي يقدمها لنا ويمكن الاستفادة منها وتوظيفها نجد من يصمون آذانهم ولا يقبلون إلا بما يأتي به “القديس الأشقر”…….فكل ما يأتي به هو “الحداثة” بعينها…..!!!!!!
هذا الإبتكار لباحث إسرائيلي بنى أفكاره على أعمال استاذنا حسن فتحي وعلى نظرية التبريد التبخيري التي كان أجدادنا يعتمدون عليها في تبريد الماء والهواء حينما كانوا يستخدمون الزير الفخاري والقله القناوي لشرب الماء البارد وقام بتطوير هذه الأفكار بصورة مبتكرة حيث صنع بانوهات مشعاع مزخرفة من أنابيب الفخار المجوفة التي حينما يمر بداخلها الماء تعمل بنفس فكرة القلة والزير بالضبط حيث يتبخر جزء منه من على السطح فيبرد الماء ويبرد الهواء الذي يمر على هذا السطح .

المدهش أنك ستجد في عالمنا العربي من سوف يحتفي بهذا الإبتكار بل ويقبل عليه ويدفع ثمنا باهظا لاقتناءه باعتباره ابتكار حداثي ولما لا فهو ابتكار غربي!!!!!!! في ذات الوقت إن جاءه أحدهم من أبناء الوطن العربي ليطلب دعما ماليا لتطوير أفكار مماثلة لن يلتفت إليه فيكون دائما هناك فرصة للغرب لتطوير أفكارهم التي قد يك
ون بعضها مأخوذ منا ونظل نحن العرب محرومين من مجرد فرصة لتطبيق افكارنا وبالتالي محرومين من تطويرها والاستفادة منها.
أنا أكرهه كثيرا جلد الذات ولكن الحقيقة أن الأمر بات واضحا وضوح الشمس بأننا نتخاذل حقيقة عن توفير أي دعم مادي كان أو معنوي لأي أفكار جادة يقدمها أحد من أبناء جلدتنا!!!!!! لدينا مخزون هائل من الأفكار لا ترى النور لمجرد أن صاحبها عربي وقد يكون كل ما تحتاجه لا يكلف بأكثر من ثمن رحلة واحدة فاخرة لأحد اثريائنا لبلد أوروبي!!!!!!!! على الرغم من أن العالم كله في سباق الآن للاكتفاء الذاتي من الموارد والمنتجات ولا سيما أن هناك نذور حرب كونية تلوح في الأفق وساعتها لن ينقذنا سوى سواعدنا واعتمادنا على أنفسنا وقدرتنا على التخفف من أعباء الاستيراد والاعتماد على الغير.
محمد الرافعي ، 29 أكتوبر 2022