Liquid architecture العمارة السائلة
التجددية من منظور “طيفي”
قد يكون العنوان صادم للبعض لحد ما وقد يسأل السائل : كيف يمكن للعمارة أن تكون “سائلة ” ؟
هذا السؤال كنت قد طرحته على نفسي منذ حوالي ثلاثة عشر عاما تحديدا في 2005 م ، حينما دعيت للدخول في مسابقة دولية محدودة لتصميم مركز تسوق تجاري في مدينة جده بالمملكة العربية السعودية ، وكان مبعث هذا السؤال هو أنني قد لاحظت أن في غالبية الأحيان يتم إنشاء مراكز جديدة للتسوق تجتذب الجمهور في البداية كونها “حديثة” ثم لا تلبث أن تبدأ في فقدان بريقها شيئا فشيئا حتى يتم هجرها لمراكز أخرى أحدث ويستمر الحال هكذا بسبب فقدان المراكز القديمة لعناصر الجذب ولجمودها ولعدم قدرتها على التجدد وظيفيا وبصريا.
هذه المشكلة خلقت تحدي بالنسبة لي وجعلتني أفكر في كيفية تصميم مركز تجاري لا يفقد بريقه نهائيا ويحقق حالة مستمرة من التجدد تجعله جاذبا للجمهور باستمرار.
في إطار تفكيري عن حلول لهذه الإشكالية تذكرت أن “الموائع” هي وحدها التي لا شكل محدد لها وأنها تكتسب شكلها من خلال الحيز الذي يحتويها وهذا بدوره قد جعلني أتسائل عن كيفية خلق عمارة “مائعة” ؟ وما هي الوسائط المادية المناسبة لتحقيق هذا الهدف بأعلى درجات التجدد والمرونة ووجدت الإجابة في : “الأطياف الضوئية”
الأمر بالنسبة لي ولفريق التصميم معي كان نوع من أنواع “الجنون” فالفكرة في حينها كانت “ثورية” بامتياز إذا أنه من حوالي عشرين عاما لم تكن التكنولوجيا بهذا التقدم الذي نشهده حاليا، فلم يكن هناك انتشار كبير لشاشات LCD عملاقة تغطي واجهات المبان كما هو حادث الآن وكانت تقنيات الهولوجراف والهولوجرام حديثة العهد والحديث عنها ضرب من ضروب الخيال العلمي وتطبيقاتها لا تتعدي نماذج صغيرة جدا بمقاسات لا تزيد عن علب لعب الأطفال. ولكننا أطلقنا لأنفسنا عنان الخيال وسافرنا عبر المستقبل الذي نعيشه الآن حاضرا وصممنا هذا المشروع الذي اضع بين يديكم لوحاته ودراساته والذي حتى الآن ومع تحقق كل ما كان بالنسبة لنا “خيالا” في ذلك الوقت إلا أنه لم يظهر مشروع يتبنى هذه الأفكار حتى الآن ولا أدري عن السبب؟
تبقى أن أذكر لكم أننا لم نقدم المشروع بالمسابقة نظرا لتوصية أحد الأصدقاء من المعماريين الذي حينما زارنا بالمكتب اثناء العمل عليها أبدى إنبهار شديد بالفكرة وأصر على إقناعنا بعدم تقديمها لكيلا لا نفقدها في مجرد “مسابقة” كما كان يرى وأنه يتعهد لنا بالسعي لتسجيلها في لندن ثم تسويقها لكبار المستثمرين في دبي لتبنيها وتنفيذها وهو مالم يتحقق !!!!!!!!!! وأصبحت الفكرة حبيسة اللوحات منذ ذلك الوقت.
أشارككم الفكرة التصميمة للمشروع وأدعوكم أن لا تنظروا لها من منظور معطيات الواقع المعاصر بل بمعطيات زمانها منذ عشرون عام مضت.
محمد الرافعي ، 2 أكتوبر 2018




