المسجد ..القضية (2) – النساء لا شأن لنا بهم
هذا هو المقال الثاني ضمن عرض القضايا التي تناولناها في تصميم المسجد الجامع في مدينة العيينة هذه القضية من منظورنا الخاص هي في غاية الأهمية ومع عظيم الأسف يتم تجاهلها سواء عن عمد أو إهمال في معظم تصميمات المساجد المعاصرة، ألا وهي التجاهل التام لاحتياجات النساء في المسجد!!
من المعلوم فقهياً وفق الحديث النبوي الشريف أنه لا يجب منع النساء من الصلاة في المساجد ولكن مع الأسف معظم المساجد غير مؤهلة للترحيب بهن. فقسم كبير من النساء يقع في حيرة شديدة بين الرغبة في الصلاة في المسجد ولا سيما في شهر رمضان المعظم حيث تفعم المساجد بأجواء روحانية رائعة وبين التزاماتهن تجاه اطفالهن في البيت!!!!!! فمعظم المصليات يقعن تحت ضغط شديد بسبب صخب الأطفال في مصلى النساء فتضطر غالبية الأمهات للجلوس في البيت لعدم قدرتهن على اصطحاب أطفالهن معهن إلى المسجد والبعض الآخر يتعرضن للضغط حينما يجازفن باصطحاب أطفالهن معهن بسبب الإزعاج الذي يسببوه لباقي المصليات.
الحقيقة أن الأطفال وأمهاتهم مظلومين على السواء، فالأطفال من الطبيعي أن يحبوا اللعب ومن الطبيعي أن يصدر عنهم صخب وأي محاولة لتجاهل أو كبح هذه الغريزة الطبيعية ستنعكس بالسلب على نشأة هؤلاء الأطفال وعلى الصورة الذهنية التي ستتشكل في مخيلتهم عن المسجد. وعلى الطرف الآخر هناك الأمهات وغريزة الأمومة لديهن وهي غريزة أساسية ، فليس من المنطقي أن نطلب منهن ترك أطفالهن لساعات طويلة لأداء صلاة التراويح في رمضان مثلاً فهذا ضد طبيعتهن ويصعب تحقيقه!!!!!. وهناك أيضاً فئة ثالثة مظلومة وهي باقي النساء من المصليات اللاتي يعانين من صراخ وصخب الأطفال ويواجهون صعوبة مطلقة في الإحساس بالخشوع والسكينة والاستماع إلى الإمام وقراءة القرآن……..المحصلة أن الكل يعاني.
بخلاف هذا التناقض الصعب تجد أن معظم المساجد قد صمم بها مصلى النساء أصلاً كفراغ مهمل أو ثانوي وفي غالب الأحيان لا توجد به حتى نوافذ خارجية أو إضاءة طبيعية وكأن التصميم يقصد عمداً عدم إكرامهن أو الترحيب بهن!!!!!
التحدي الذي تفرضه هذه الإشكالية كان مجسدا في كيفية إيجاد حل متوافق لكل هذه التناقضات بحيث يتناسب مع احتياجات الجميع: الأطفال ، الأمهات ، باقي النساء.
الحل الذي طرحناه لمعالجة هذه الإشكاليات جميعا تمثل في تخصيص فناء ( حوش ) سماوي كبير متصل بمصلى النساء مباشرة حيث يقع خلف الصف الأخير للمصليات كما هو موضح بالمسقط ، هذا الفناء يسمح للمصليات أن يحضروا أطفالهن ويتركوهم للعلب كيفما شاءوا في تلك الحديقة السماوية المغلقة والتي توفر لهم المساحة والأمان في نفس الوقت فيكفي وجود مشرفة واحدة في هذه الحديقة لمتابعة الأطفال اثناء لعبهم أو يمكن أن تتناوب الأمهات في القيام بهذا الدور. وجعلنا الحائط الفاصل بين قاعة الصلاة وتلك الحديقة هو حائط زجاجي بالكامل فمن ناحية هو يغمر قاعة الصلاة بالنور الطبيعي ومن ناحية أخرى يكفي أن تلتفت أي أم خلفها ( في جلسة الاستراحة مثلا بين صلوات التراويح ) لتشاهد طفلها يلعب فتطمئن عليه دون الحاجة للخروج من المصلى. وبهذه الكيفية أمكن أيضاً توفير جو من السكينة بداخل قاعة الصلاة بعد عزل الأطفال وصراخهم بواسطة الحائط الزجاجي.
هذه الحديقة سيكون لها أكبر الأثر في نفوس الأطفال وستجعل من تجربة الذهاب إلى المسجد هي تجربة مرتبطة بالمتعة والشغف ونكون بذلك قد ضمنا جيلا من الأطفال يرتبط بصورة إيجابية وسليمة بالمسجد.
محمد الرافعي ، 19 ديسمبر 2019