مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين
هذا المشروع كنت قد صممته في عام 2004 ووضعت فيه الكثير من الأفكار التصميمية التي أظنها جيدة ولهذا وجدت أنه من المفيد مشاركتها في مقال علها تصادف وتعود بالفائدة على أحد ممن يطلع عليها
فلسفـة التصميم
لعرض الفكرة الفلسفية التي تقف وراء التصميم يجب بداية أن نذكر الفرضيات التي بنينا عليها تلك الفكرة كما يلي :
1-الفرضية الأولى
نحن نعتبر أن الدور الذي تلعبه المؤسسة لرعاية المواهب والإبداع يستند بصورة أساسية إلى تضافر الجهود المخلصة لكافة أعضاء المجتمع أفراداً ومؤسسات وتعاونهم معها في هذا المجال وأن المحرك الرئيسي لهذا التعاون مرهون بما تحققه المؤسسة من إنجازات ملموسة على أرض الواقع وبحيث تكون ظاهرة للجميع.
2- الفرضية الثانية
أن عوامل الحفز والتشجيع وتكريم النوابغ ورفع قيمة الإبداع والابتكار كمعايير أساسية يتمايز بها أصحابها عن أقرانهم من خلال احتفالات دورية تكتسب الصفة الوطنية تساهم بصورة فعالة في إيجاد واقع مغاير للمناخ الثقافي والتعليمي في المجتمع.
3- الفرضية الثالثة
النتاج البنائي المعماري لمقر المؤسسة يجب وأن يحمل في طياته قيمة رمزية ترسخ صورة الرسالة التي تحملها للمجتمع بطوائفه المختلفة ولاسيما الشباب، بحيث يصبح هذا الرمز عندهم قريناً للعمل على النبوغ والتفوق وشحذ الهمم وبذل الطاقة للحاق بمواكب المبدعين.
4- الفرضية الرابعة
أشد ما تحرص عليه أية مؤسسة تعمل في مجال ما: هو أن تعرض نتاج عملها في هذا المجال أمام الشريحة المستهدفة لها لتكتسب أكبر قدر من الثقة والمصداقية ومن ثم التواصل والدعم لرسالتها، والمنتج الذي تحققه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين له خصوصية وتفرد شديد عن أي ما تحققه المؤسسات الأخرى للدولة، فهي تستثمر في العقول النابغة لتصنع لبنات أساسية للبناء الحضاري للدولة، أي أنها تساهم بصورة مباشرة في بناء الحضارة الحديثة للمملكة.
وبناء على هذه الفرضيات فقد تم صياغة الفكرة على النحو التالي:
1-1- الفكرة
اتجهت فلسفة التصميم إلى تجسيد الرسالة والدور الذي تضطلع به المؤسسة من خلال صياغة مجموعة من العنـــاصر الرمزية، البصرية والمادية التي تشترك فيما بينها لتكون منظومة متكاملة تحمل هذه المعاني ويتعامل معها الجمهورعند ارتيادهم للمبنى في المناسبات المختلفة.
1-1-1- حــائط الحضارة
يأتي هذا العنصر الرمزي على رأس أدوات الفكرة في تجسيد فلسفة التصميم ليحمل معنى الدور الذي تلعبه المؤسسة في بناء الكيان الحضاري الحديث للمملكة وذلك في صورة حــائط ضخم ومميز سميناه بـ حائط الحضارة وله من الاعتبارات التصميمية ما يلي:
التشكيل
يتكون هذا الحائط من بناء مصمت يتبع في تشكيل مسقطه المحل الهندسي لمنحنى متعدد المراكز، متنامي ومركب ”Spiral“ له نقطة بداية واضحة عند المدخل الرئيسي للمشروع وينمو بمتوالية هندسية مركبة ليشكل نهاية مفتوحة في إشارة إلى أن الدور الذي تلعبه المؤسسة في بناء الحضارة الحديثة للمملكة له نقطة بداية – منذ إعلان التأسيس – وليس له نهاية فهو ممتد إلى المستقبل البعيد بإذن الله ، ويؤكد البعد الثالث لهذا الحائط نفس المعنى من خلال تزايد ارتفاعه بميل تدريجي ليصل إلى أعلى نقطة فيه عند نهايته.
التعبير
القطاع الرأسي لهذا الحائط متدرج السماكة بحيث يبدأ بسمك 2.2م عند منسوب 625.0 + ليصل لسمك 0.5م عند أعلى منسوب 643.5 + وهذا التدرج يأتي كتأكيد لمعنى رسوخ البناء الحضاري الذي تسهم فيه المؤسسة، وقد اختيرت البلوكات الجرانيتية الخشنة ككسوة خارجية لترمز إلى صلابة البناء وصموده عبر الأجيال، أما نهايته عند خط السماء فقد تم تشكيلها من مجموعة من الفتحات الرأسية المكسوة بحجر الرياض المصقول لتربط بينه وبين قبة السماء إجلالاً وتوقيراً للطبيعة- أم الإبداع – التي خلقها الله سبحانه وتعالى.
الرمز
توجهت الدراسة التصميمية إلى إكساب هذا الحائط بعداً رمزياً يدعم رسالة المؤسسة الداعية إلى حفز ملكات الإبداع وتفجير الطاقات الكامنة لدى الشباب وذلك من خلال مستويين :
الأول – مادي بصري، يتمثل في اقتراح كتابة أسماء الأعلام من المبدعين في المجالات المختلفة من أبناء المملكة الذين أثروا بإنتاجهم مسيرة التنمية والتقدم الحديث وذلك عن طريق الحفر على البلوكات الجرانيتية كنوع من أنواع التكريم والعرفان لما قدموه، باستخدام أنواع مختلفة من فنون الخط العربي لتتشكل لوحة شرف كبيرة في صورة جدارية رائعة من النور والظلال فيتولد نوع من أنواع الغيرة المحببة لدى الزائرين من الشباب وينموا لديهم الإحساس بالفخر الممزوج بالرغبة في مزاحمة هذا الركب المهيب في المستقبل بإذن الله.
الثاني- ثقافي احتفالي، يتمثل في اقتراح أن تقوم المؤسسة بدعوة مختلف المؤسسات المتعاونة معها من الجامعات،المعاهد،المدارس….الخ والمنتشرة في كافة أنحاء المملكة لتبنّي فكرة إنشاء نماذج مصغرة لهذا الحائط – قطعة من منحنى دائري بطول 6م وارتفاع متغير يبدأ من 8م وحتى 9م- في مكان بارز في حرم تلك المؤسسات ” ساحات مفتوحة ” وهذه النماذج تتخذ نفس المفردات التشكيلية البصرية للحائط الأصلي من حيث مواد النهو والتشطيب الخارجي…الخ ، بحيث تلعب تلك النماذج المنتشرة في كل مكان دوراً أساسياً في تكريم أبناء المؤسسات المضيفة من المتميزين والمبدعين من خلال احتفالات دورية تقام لهذا الغرض، أي تكون بمثابة لوحة شرف لهم يتم تسجيل أسمائهم عليها بطريقة الحفر على الحجارة الأمر الذي يحول حائط الحضارة الموجود في مبنى المؤسسة بالرياض وكأنه قد امتد ليلف كافة أرجاء المملكة مسجلاً على جداريته الضخمة نماذج مشرفة لأبناء الوطن المبدعين في كل مكان، وبذلك تصبح المؤسسة وكأنها أشعلت ثورة من الحمــاس في قلوب الشبـــاب فيتولد عند كل واحد منهم الحلم بأن يصبح ذات يوم ممن يسجل اسمه على حـائط الحضارة “القائم في ســاحة المؤسسة التي ينتمي إليها، سواء كان مدرسته، معهده، أو جامعته”.

الواجهة الأمامية ويظهر بها حائط الحضارة وهو يحتضن ساحة الموهبة
1-1-2- ساحة الموهبة
كما وذكرنا سابقاً أن أعز ما تملكه أية مؤسسة هي إنتاجها الذي تفخر به أمام المجتمع وأن نتاج مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين هو من نوعية خاصة جداً –ابتكارات علمية، قطع فنية ، إنتاج أدبي . .الخ. وعليه فقد اتجهت الفكرة إلى إيجاد ما يسمى بـ ساحة الموهبة، وهي تمثل قلب المبنى الذي يلعب حـــائط الحضــارة دوراً أساسيـاً في تشكيله كفراغ داخلي متسع ومغطى تتوفر به مجموعة من مستويات العرض المتدرجة الارتفاع والتي توفر رؤية بانورامية لمرتادي المبنى في طريقهم من مدخل المشروع وحتى قاعة الاحتفالات ( المسرح) حيث تُعرض عليها أعمال الشباب الموهوب في كافة المجالات الفنية (لوحات رسم)، الأدبية (على شاشات عرض رقمية)، الابتكارات العلمية (مجسمات) والتي يتم تغييرها من خلال الإيقاع الدوري للأحداث الاحتفالية التي تقيمها المؤسسة
من مسابقات واحتفاليات تكريم وخلافه الأمر الذي يدعم ديناميكية هذا القلب بصفة مستمرة تزيد من مد جسور التواصل والتعاون بين المؤسسة والمجتمع الخارجي بسبب زيادة الثقة في جدية الدور الذي تؤديه.
1-1-3- مركز الإبداع
وهو الضلع الثالث في منظومة الفكرة ويتمثل في إضفاء قيمة رمزية على مركز المشروع في قلب المبنى حيث التقاء محاور الحركة والتكوين الجوميتري وذلك من خلال شغل هذا المركز بالعنصرين الأساسيين في تكوين أي إنسان مبدع:
الطبيعة- المتمثلة في حديقة طبيعية من الصخور والنباتات والمساقط المائية المتتبعة للتكوين الكونتوري الطبيعي للموقع.
العلم – المتمثل في مركز المعلومات والمكتبة التي تتيح المعرفة لزوار المبنى.
لا أريد ان أطيل بأكثر من ذلك ولكن من يرغب أن يطلع على الدراسة التصميمة كاملة يمكنه تحميل الملف كاملا من خلال الرابط التالي:
محمد الرافعي ، 2 نوفمبر 2017